كبسولة للموت دون ألم.. رأفة بالمنتحرين أم تشجيع على الرحيل؟!

كبسولة للموت دون ألم.. رأفة بالمنتحرين أم تشجيع على الرحيل؟!

 

حصلت “كبسولة الموت الرحيم”، ويطلق عليها اسم “ساركو”، على موافقة قانونية في سويسرا التي تجيز قانوناً الانتحار بمساعدة خارجية، حيث أنهى نحو 1300 شخص حياتهم بمساعدة هيئات “الموت الرحيم” العام الماضي في سويسرا، لكنها تواجه معارضة من قبل العديدين ممن اعتبروا الفكرة “انتهاكاً أخلاقياً” وتشجيع على الانتحار.

 

الموت بـ”غمزة”

 

وتعمل ساركو، التي تشبه القبر بشكلها، على إنهاء حياة المنتحر بـ”غمزة” من الشخص الراغب في الموت الرحيم، حيث تقلل الأكسجين داخل الكبسولة إلى ما دون المستوى الحرج خلال أقل من دقيقة فتحدث الوفاة بعد غيبوبة دون أي معاناة أو ألم، وفقاً للشركة المصنعة Exit International.

 

طبيب الموت

 

وابتكر الكبسولة الدكتور فيليب نيتشكي، الملقب بـ”طبيب الموت”، بتقنيات متقدمة حيث تمت طباعتها خلال الطباعة ثلاثية الأبعاد ويمكن تحريكها ووضعها في أي مكان يختاره المنتحر يكون آخر ما يشاهده قبل الوفاة.

 

وأكد الدكتور نيتشكي لـ(واشنطن بوست) أنه “لا توجد مخالفات قانونية بشأن الكبسولة على الإطلاق” وأن كبسولته جميلة وعصرية وتعد طريقة “أنيقة” للموت.

 

وأوضح أنه معجب بابتكاره ويفكر شخصياً في استخدامها يوماً ما، مؤكداً: “ليس على الموت أن يكون مأساة ونحيباً، بل لحظة احتفال”.

 

وفي حوار آخر نشر على موقع منظمة إكزيت المهتمة بالانتحار بمساعدة الغير، قال إن هدفه هو إخراج “عملية الموت” من الدائرة الطبية، قائلاً: “نريد إلغاء الفحص العقلي والسماح للأفراد باختيار الأسلوب بأنفسهم”، وفقاً لـ(بي بي سي).

 

 

رفض أممي

 

تكافح الأمم المتحدة قتل الإنسان لنفسه وتخصص يوماً عالمياً للتوعية بهذا الشأن في العاشر من سبتمبر من كل عام وهو دليل واضح على تعارض الفكرة مع حقوق الإنسان.. كما تنص المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه”، حيث لا تشير أي من المبادئ المتفق عليها أممياً إلى الحق في طلب الموت الرحيم أو قتل النفس والانتحار بأي شكل كان.

 

ووفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية المنشورة بتقريرها لعام 2019، يشهد العالم حالة انتحار واحدة كل 40 ثانية، كما يقدم نحو 800 ألف شخص على الانتحار كل عام.

 

ويورد التقرير حقيقة أن “الانتحار يؤدي إلى وفاة أعداد أكثر من ضحايا الحرب وجرائم القتل مجتمعة”، كما أنه يمثل السبب الرئيسي الثاني للوفاة، بعد حوادث الطرق، بين من تُراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً.

 

 

الأديان والموت الرحيم

 

تحرم الأديان السماوية فكرة الموت الرحيم، وكل أداة من شأنها أن تنهي حياة الإنسان حتى لو بطلب منه، ففي المسيحية يقول المطران الدكتور منير حنا، مطران وطبيب الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال إفريقيا، لموقع (صوت الأمة) إن الكنيسة ترفض الموت الرحيم تمامًا لأن الله يصنع معجزات، فالإصابة بمرض عضال لا تعني الوفاة ولكن دائمًا هناك أمل في الشفاء.

 

وفي تعليقه على قرار سويسرا بتقنين الموت الرحيم.. قال المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية في مصر الأب هاني باخوم، إن الكنيسة لم ولن توافق على مثل هذه التشريعات.. وأضاف: “إن الكنيسة تؤمن بالحفاظ على الحياة من لحظة الإخصاب حتى الموت الطبيعي ولا يمكن قبول ذلك إلا في حالات خاصة يكون الإنسان فيها محاطًا بأجهزة ولكنه مات فعلياً، موتاً إكلينيكياً، في تلك الحالة فلا نحافظ على حياة غير موجودة”.

 

ويتفق الإسلام بما ورد في المسيحية، حيث أكد مفتي الجمهورية السابق الأستاذ الدكتور علي جمعة أن الدين الإسلامي حرّم القتل الرحيم، حيث قال الدكتور: “هو في الحقيقة انتحارٌ أو قتلٌ للنفس التي حرَّم الله قتلها إلا بالحق، وهو حرامٌ شرعًا، بل من أكبر الكبائر”.

 

وأما اليهودية فقد حرّمت قتل النفس وفق ما ذكر أستاذ الديانة اليهودية في جامعة الأزهر سابقاً، الدكتور سامي الإمام، وذلك بناء على ما ورد بالمِشْنَا: “المحتضِر كالحيّ في كل شيء.. ولا يُشهد عليه بالموت حتى تخرج روحه بالفعل بصورة طبيعية”. ويضيف الدكتور أن المقصود هو عدم جواز مسّ حياة إنسان بإنقاص أجلَه بأي حال من الأحوال، و”كل من يتجاوز هذه الأحكام يعدّ كأنه سفك دمًا”.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية